خبرات وأبحاث

سبقني الكثير من المختصين في الكتابة عن نتائج اختبار TIMSS، فبعد نتائج TIMSS 2003 والذي احتلت فيه المملكة وغانا المركز الأخير، ونتائج TIMSS 2011 والذي جاء بنتائج أفضل من اختبار TIMSS 2015 مما يشكل انحدار وتراجع مخيف في ظل التنافس والتطور الدولي الحاصل على مستوى هذا الاختبار.

 

ما هو اختبار TIMSS ؟

الاختبار الدولي TIMSS وهو رمز مختصر من الحرف لكل كلمة من:

(Trends of International Mathematics and Science Studies)

والتي تعني دراسة التوجهات الدولية للرياضيات والعلوم، وهو مشروع عالمي، ويعتبر من المشاريع الحديثة في تعليم الرياضيات، حيث يقوم هذا المشروع في أساسه على تنمية مهارات الاستقصاء وحل المشكلات واتخاذ القرارات، من خلال تطبيق المعارف والمهارات العلمية في مواقف حياتية مشابه لما يمر به الطلاب، وقد تم اعتماده منذ عام 1995م، وتزايد اهتمام الدول المشاركة في هذه الدراسة إلى ان وصل في 2015م إلى 57 دولة أساسية، يُقام تحت رعاية المنظمة العالمية لتقويم التحصيل التربوي IEA والتي تعني اختصار لمصطلح

  (International Association for Evaluation of educational achievement) ، والتي تقدم دراسات تهدف إلى قياس مستوى التقدم في التحصيل الدراسي في أغلب المواد الدراسية، والتي جاءت دراسة التوجهات الدولية في الرياضيات والعلوم TIMSS أبرزها.

ويقتصر اختبار TIMSS على مادتي العلوم والرياضيات للصفين الرابع والثامن (الثاني متوسط) فقط، ويتم إعادة تطبيق هذا الاختبار مرة كل أربع سنوات، بحيث يعطي فرص للدول المشاركة لتطوير مناهجها ونظامها التعليمي في ضوء نتائج الاختبار.

وفي لحظات موجعة تصفحت تقرير مختصر صادر من مركز التميز البحثي في تعليم العلوم والرياضيات بعنوان "إضاءات حول نتائج دول الخليج في دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات TIMSS 2015" والتي شاركت فيها 57 دولة أساسية وسبع مقاطعات للمقارنة، يدخل الاختبار الصفين الرابع والثامن فقط، ويتم التركيز فيه على تحصيل الطلاب في مادتي العلوم والرياضيات.

جاءت نتائج المملكة العربية السعودية في مادة الرياضيات للصف الرابع الابتدائي (383) واحتلت المركز (46) من أصل (49) دولة، أما نتائج الصف الثاني متوسط فقد بلغت (368) واحتلت المركز (39) من أصل (39) دولة أساسية مشاركة، أي المركز الأخير.

وتأتي هذه النتيجة بعد التطوير الشامل لمناهج الرياضيات والذي بذلت وزارة التعليم عليه ميزانية ضخمة حتى تخرج مناهج الرياضيات عامة ومنهج الصفين الرابع والثاني متوسط خاصة شامل لجميع متطلبات TIMSS، ولكن هذا التطوير لم يأتي ثماره فقد انحدرت نتائج المملكة عن اختبار TIMSS 2011 السابق والذي حصلت فيه على (410) للصف الرابع، و(394) للصف الثاني متوسط، كما تفوقت الطالبات الصف الرابع بمتوسط أداء بلغ (405) مقابل متوسط ما حققه الطلاب (363)، والحال نفسه مع طالبات الصف الثاني متوسط والذي بلغ متوسط ما حققنه (375) مقابل متوسط ما حققه الطلاب  (360)

مما يستوجب وقفة جادة من جميع المختصين للبحث عن أسباب هذا الإخفاق، فهذه النتائج تتجاوز التحصيل وتعطي صورة واضحة عن مستوى النظام التعليمي ككل.

 فبعد التأكد من توافر متطلبات اختبار TIMSS في محتوى كتب الرياضيات، وجب دراسة ثلاث جوانب وهي المعلم، والطالب، والبيئة التعليمية.

ويأتي المعلم على رأس الاهتمام والتأكد من امتلاك المعلمين أنفسهم لهذه المتطلبات، ومراجعة طرق تدريسهم، وتطوير برامج إعداد المعلمين بشكل يتماشى مع كفايات المنهج المطور، ومتابعة أدائه بعد الخدمة وتقديم دورات تصب في مجال تخصصه وليس مجرد دورات شكليه الخارج منها سواء مع من لم يدخلها، واستحداث مدارس تابعة لكليات التربية تشرف على تدريب معلميها، وتطرح التجارب التطويرية فيها، كما هو الحال في المدارس التابعة لأرامكو وسابك، ومن ثم تعميم النتائج التي تعطي مؤشرات إيجابية على باقي المدارس، كما يجب على المعلمين التركيز على الكيف لا الكم، ففي كوريا مثلاً يتم تخصيص 100 ساعة تدريسية لرياضيات الصف الرابع وجاءت في المركز الثالث عالمياً في اختبار TIMSS، بينما في المملكة العربية السعودية يتم تخصيص 128 ساعة تدريسية لرياضيات الصف الرابع ومع ذلك جاءت في المركز 46 عالمياً.

كما يجب الاهتمام والبحث في السبل التي تزيد من دافعية الطلاب وتحفيزهم، وتهيئة البيئة التعليمية بشكل يخلق بيئة جاذبة، من توفير الوسائل المعينة والاستفادة من تكنولوجيا التعليم، والاهتمام بدور الأسرة ومتابعة عملها مع الطالب خارج أوقات الدوام الرسمي، وتكثيف اللقاءات بين المدرس والبيت، وعقد الدورات وورش العمل لأولياء الأمور التي تزيد من الوعي حول وسائل وسبل متابعة ومشاركة الطالب في تعليمه، وتوفير مصادر تعلم منزلية.

أما دور الإدارة المدرسية فيتمثل في ضرورة عقد اختبارات تدريبية مشابهة، خاصة مع توفر أدلة مماثلة لاختبار TIMSS، وتنظيم مسابقات محلية على مستوى المناطق في هذا المجال، وذلك لأن التدريب يسهم بشكل فعال في تنمية المهارات المطلوبة في هذا الاختبار، ومتابعة سجل الطالب وتحديثها مع بداية كل فصل دراسي، بحيث يعطي معلومات وافية عن مستوى الدخل لأسرة الطالب، ومستوى التعليم للوالدين، وتوفير دعم من الأجهزة الحكومية لمعالجة الفقر، وتوفير دروس تقوية مسائية لطلاب الذي لا يتوفر لديهم مقتنيات معينة للتعليم كشبكة الإنترنت أو أجهزة الحاسب الآلي.

 

المراجع:

 -الأحمدي، عائشة سيف (2011). أثر التباين في الخلفية الأسرية على نتائج الطلبة السعوديين في اختبارات الدراسة الدولية لتوجهات مستوى الأداء في العلوم والرياضيات TIMSS (2007)، المجلة التربوية، الكويت، المجلد 26، العدد 101، 13-81.

 -إضاءات حول نتائج دول الخليج في دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات TIMSS 2015 "تقرير مختصر"، مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات، جامعة الملك سعود، ديسمبر 2016م.

 -الشيخي، هاشم سعيد (2012). إستراتيجية مقترحة لتحسين مستوى تحصيل طلبة المملكة العربية السعودية في الرياضيات في المسابقات الدولية TIMSS، مجلة العلوم التربوية، الأردن، المجلد 39، العدد 1، 33-60.

 -صميدة، حكمة وغريس، نجوى (2014). تحليل نتائج التقييمات الدولية TIMSS لسنة 2011 في الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

- Mullis, I. M., Ruddock, G. R., Chrisine, Y. O. & Arora, A. (2008). TIMSS 2007 Assesment Feamework. TIMSS and PIRLS International Study Center Boston College: USA.

معلومات عن الكاتب
أ. عنود بنت فضيل العنزي
الكاتب: أ. عنود بنت فضيل العنزي
رياضيات - مناهج وطرق تدريس، طالبة دكتوراة في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية