خبرات وأبحاث

 

الغرض الرئيسي من هذا المقال هو إلقاء الضوء على البحث الاجرائي وكيفية توظيفه في مجال تقنيات (تكنولوجيا) التعليم حيث سيقدم اقتراحات للمهتمين بكيفية تطبيقه لتحسين الممارسات المهنية.

نجد في هذا العصر حضور قوي للتقنيات في المؤسسات التعليمية، سواء كانت بشكل متزامن كداخل الفصول الدراسية او بشكل غير متزامن من خلال استخدام المنصات والتطبيقات المختلفة خارج جدران المدرسة، وهذا التواجد للتقنيات يحتم على العاملين في العملية التعليمية تحسين ممارستهم او إيجاد طرق جديده أكثر ملاءمة لتفعيلها، او حل المشكلات التي تواجههم، لذلك انتشر الاهتمام بالبحوث الإجرائية التي تتميز بارتباط المشكلة بالباحث مباشرة.

 

ما هو البحث الإجرائي؟

البحث الاجرائي هو أحد أمثلة البحوث التطبيقية التي تهدف إلى اختبار الفرضيات والاعتماد على نتائج تلك الفرضيات في حل المشكلات العملية.

فالباحث هو الذي يشعر بوجود مشكلة، وبالتالي لديه الدافعية في الوصول لحل هذه المشكلة، لأنه يبحث عن التحسين والتطوير والوصول الى الوضع الافضل في عمله.

يتكون البحث الاجرائي من مفهومين، فالبحث يعني التأمل والاستقراء، ومفهوم الاجراء يعني الفعل والتدخل. بالتالي يمكن تعريفه أنه استقصاء منظم يهدف لحل مشكلة او تحسين ممارسة وتعتمد على الأسلوب العلمي في التفكير، معتمدا على الملاحظة العلمية او التجربة.

 

أنواع البحث الإجرائي:

1- البحث الإجرائي الفردي: وهو بحث يقوم فيه شخص واحد فقط. قد يكون معلم.

2- البحث الإجرائي التعاوني: يجتمع عدد من الأشخاص مسؤولين عن مجموعات مختلفة على إجراء بحث واحد بنفس التوقيت، قد يكون عدد من المعلمين.

3- البحث الإجرائي المدرسي: وهو البحث الذي يقوم به كافة معلمي المدرسة، ويعتبر بحثا شاملا لكافة طلاب المدرسة، ويناسب كافة مستويات الطلاب.

4- البحث الإجرائي الشامل: وهو البحث الذي يقوم بالتنسيق بين عدة مدراس في نفس المنطقة، ويتميز هذا البحث بشموليته، حيث يشارك فيه عدد كبير من المعملين والطلاب.

ويختلف البحث الاجرائي عن غيره من البحوث الاكاديمية الأخرى بعدة نقاط:

- هدفه تحسين ممارسات محددة في الظروف الواقعية للمؤسسة.

ليس من الضروري ان يستند البحث الاجرائي على نظريات او نموذج.

- التحليل الاحصائي في البحث الاجرائي في أدنى مستوياته.

- لا يمكن تعميم نتائجه فهو مرتبط بمؤسسة تعليميه معينة.

- ليس من الضروري أن يشرف عليه أكاديميين ولا أن يكون الباحث يحمل شهادة دراسية عليا.

-     رغم أنه لا يلتزم بمنهجية البحث الصارمة الا أنه ليس عشوائي ايضاً.

 

مراحل البحث الاجرائي:

للبحث الاجرائي خطوات او مراحل يمر بها، يجب على القائم بالبحث ان يتقيد بها. وترى بعض الادبيات ان الممارسات غير خطية وأن الافراد لا يستطيعون التنبؤ. لذلك جاءت فكرة Lewin الأولية لتطوير الممارسات، حيث يصورها أنها حلقات. انظر  شكل (1).

·       مراجعة الممارسات الحالية.

·       التعرف على مظهر ممارسة كقضية للبحث.

·       تخيل طريقة ما كخطوة للأمام.

·       تجريب هذه الخطوة.

·       فحص إذا ما كانت هذه الطريقة تعمل.

·       تغيير الممارسة في الخطوة او الطريقة التي نجحت.

·       مراجعة الممارسات الحالية بعد التغيير.

·       وهكذا تستمر.

 

شكل (1)

 

البحث الاجرائي ورفع الكفاءة باستخدام المستحدثات:

يساعدنا البحث الاجرائي في فحص ممارستنا في الموقف التعليمي نفسه. وعند مناقشة الزملاء في بحثك تحصل على تقييم للعمل والكثير من الأفكار والمقترحات. وأيضا يساعدك على وضع معاييرك الخاصة التي كونتها نتيجة معرفتك بنظريات التصميم التعليمي من خلال التعرف على معايير الاخرين عند استخدامهم للمستحدثات. ويحتاج المعلمين وقت ليس قليل للملاحظة والتدريب على البحوث الاجرائية في تكنولوجيا التعليم. ويمكن ان تساهم المراقبة الدقيقة للدروس التي تكون ثرية بالتكنولوجيا بتزويدهم بأفضل الممارسات.

 

يمكن للبحوث الإجرائية أن تحدد الاستخدامات الفعالة للتكنولوجيا لتحسين تحصيل الطلاب، وتمنح المعلمين القدرة على اتخاذ القرارات وتحمل مسؤولية تطويرهم المهني.

كما أن البحث الاجرائي يحقق تطوير شامل في مجال غرف مصادر التعلم للمؤسسات التي يتفق افرادها على تحسين ممارستهم من خلال هذه البحوث.

 

البحث هنا هو دورة من الحركة المتواصلة، من خلال التفكير في كل من النظرية والممارسة. (يضع الباحث المعلم خطة وينفذها ويلاحظ ويتأمل ثم ينعكس هذا على دورة جديدة من البحث).

وهناك العديد من الطرق لإجراء البحوث الاجرائية. بعض الطرق تتضمن: مراقبة الأفراد أو المجموعات، باستخدام (تسجيل صوتي وفيديو-المقابلات المنظمة أو شبه المنظمة-أخذ الملاحظات الميدانية-المذكرات التحليلية- التصوير-توزيع الاستبيانات).

 

واقترح (باترسون وشانون 1993) أن يكتب المعلم يوميا بما يسمى (المجلة العاكسة) انظر شكل (2)، تعكس طريقة للبدء في البحث، لمدة أسبوع ثم يبدأ البحث عن الأنماط. حيث توفر لهم التفكير بما يحدث في الفصل الدراسي.

 

                                                                                                                                                 شكل (2)

 

مستقبل البحث الاجرائي في تقنيات(تكنولوجيا) التعليم:                        

انطلق برنامج التحول الوطني 2020 في بداية العام 2016 بمشاركة وزارة التعليم ضمن قطاعات الدولة، وتم رصد التحديات التي تواجه التعليم، وبناء الأهداف العامة للتعليم، ومؤشرات قياس الأداء، وكذلك بناء المبادرة التعليمية والتربوية المحققة لبرنامج التحول الوطني، وانطلاقا من أحد اهداف الرؤية في التعليم هي تطوير أساليب التعليم والتقويم وتحسين الممارسات، ومع حضور التقنيات التعليمية والمنتجات الرقمية جاءت الحاجة لأهمية رفع كفاءة الممارسين للعملية التعليمية في توظيف البحث الاجرائي للتوصل الى افضل توظيف لهذه التقنيات وحل المعوقات التي تواجههم كممارسين مباشرين لها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، توفر وزارة التعليم الكثير من المنتجات الرقمية والبوابات التعليمية الالكترونية مثل المختبر الافتراضي والحاسبة البيانية والسبورات الذكية وبوابة عين والكتب الالكترونية وبوابة المحتوى الرقمي ومنصة شمس وغيرها. قد يشعر الكثير من المعلمين بالحاجة لتحسين توظيفها في ضوء ظروف معينة، او تطوير هذه المنتجات بما يتلاءم مع الموقف التعليمي اليومي، بالتالي يلجأ الى البحث الاجرائي الذي يجعله ينظم استنتاجاته وحلوله التي يراها للقائمين على هذه المشاريع لتطوير المنتجات او تحسين الممارسات حولها.

ولقد ذكر(السيد، العمري،2015) الحلول التي يجب ان نتبعها لتحسين جودة البحوث الإجرائية لدى المعلمين المتدربين من وجهة نظر الباحثين:

·       زيادة مدة (التكوين) التدريب الى سنتين.

·       توثيق البحوث حتى يتجنب تكراريتها.

·       تحسين إحساس المتدرب نحو البحث.

·       تدريبهم على المهارات اللغوية حتى يصبحوا مؤهلين لتحرير بحوثهم.

·       دفعهم لتنويع المصادر والمراجع وانتقاء الجيد منها.

·       الحرص على توظيف أدوات البحث توظيفا ممنهجاً ودقيقاً.

·       العمل على ضبط تقنيات التوثيق.

·       تجنب البحوث المشتركة او لحد منها، لتجنب عدم العدالة في تقسيم العمل.

·       تخصيص جوائز للبحوث المتميزة.

·       اعتماد البحوث الإجرائية للحصول على الترقية والحركة الانتقالية.

 

 

المراجع:

السيد، عبد القادر محمد عبد القادر, & العمري، طفول بنت عامر بن سهيل. (2015). مدى توافر مهارات البحث الإجرائي لدى المعلمات الأوائل بمدارس التعليم الأساسي في محافظة ظفار-سلطنة عمان. Journal of Faculty of Education-Benha University, 352(2914), 1-17.‏

الفراجي، هادي (2008). البحث الأجرائي. مجلة التطوير التربوي - سلطنة عمان، س 6, ع 40 ، 28 - 32. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/57655

عباس، محمد ونوفل، محمد والعبسي، محمد وأبو عواد، فريال (2014). مدخل الى مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ط5، دار المسيرة، عمان.

ماكنيف، جين (2001)، "البحث الإجرائي: من أجل التطور المهني"، (ترجمة نادر وهبه)، مركز القطان للبحث والتطوير التربوي، فلسطين.

وهابي، محمد. (2015). البحث الإجرائي ومشاكله عند الأستاذ المتدرب. Majallat ʻUlūm al-Tarbiyah, 13(2182), 1-26.‏

Royer, R. (2002). Supporting technology integration through action research. The Clearing House, 75(5), 233-237.‏

Mapotse, T. A. (2015). An emancipation framework for technology education teachers: An action research study. International Journal of Technology and Design Education, 25(2), 213-225.‏

-زيارة الموقع بتاريخ استرجاع 10/10/2018 http://www.aklaam.net/newaqlam/index.php?option=com_con tent&view=article&id=820:2009-04-23-23-05-53&catid=61:2008-10-14-08-38-21&Itemid=103

-زيارة الموقع بتاريخ استرجاع 10/10/2018 https://www.moe.gov.sa/ar/Pages/vision2030.aspx

-زيارة بوابة المحتوى الرقمي بتاريخ 10/10/2018 http://ebook.sa/Pages/BooksSurvey.aspx

 

 

 

 

 

 

 

 

 

معلومات عن الكاتب
الكاتب: أ. عابدة العنزي
ماجستير تقنيات تعليم ، باحثة دكتوراه تقنيات التعليم ، معلمة علوم